ان سياسة نظام ادارة الجودة هي وثيقة حية لبناء مجتمع داخل الشركة به روح الفريق الواحد لتحقيق هدف واحد وهو التحسين والتقدم المستمر لكسب رضاء العملاء.
فكيف تقوم بإعداد سياسة للجودة مفهومة ويشترك في صياغتها جميع العاملين بالمنشأة؟!
إذا كنت أحد القياديين بمؤسستك أو المسئولين عن نظام إدارة الجودة ، توقف قليلا وأجب عن هذة الأسئلة:
هل سياسة الجودة يشترك في صياغتها جميع العاملين بالشركة؟
هل سياسة الجودة مرتبطة بالتوجه الاستراتيجي للشركة؟( أي مرتبطة برؤية ورسالة واستراتيجية الشركة).
هل سياسة الجودة منبثقة من أهداف الجودة وتضع الإطار العام لها؟
هل جميع عمليات الشركة بوجه عام ، وعمليات نظام إدارة الجودة بوجه خاص ؛ مرتبطة ببنود سياسة الجودة؟
هل يمكن قياس بنود سياسة الجودة بشكل رقمي ودقيق في مختلف المستويات الإدارية بالشركة؟
هل عند حدوث حالة عدم مطابقة بالنظام يتم مراجعة سياسة الجودة؟
إذا كانت أجابتك عن واحد من هذة الأسئلة أو أكثر بـ "لا" فأنت بحاجة لمعرفة ماهية سياسة الجودة ؟ وما الغرض منها؟ وكيف يمكن صياغتها؟ بحيث تكون ليس فقط محفوظة ولكن مفهومة لدى المدير التنفيذي كما هي مفهومة لدى أقل مستوى تشغيلي بالشركة ، بل ومطبقة في الأنشطة والمهام الروتينية لكل فرد بالمؤسسة.
من خلال عملي بمجال الجودة حرصت على الاطلاع على سياسة الجودة للمؤسسات ومدى ارتباطها بعمليات المؤسسة وأهدافها ، إلا أنني وجدت أن سياسة الجودة سواء في الشركات الكبرى أو الصغرى لا تحظي بالأهمية الكافية ، ولا تعبر عن هدف المؤسسة واستراتيجيتها. وفي الوقت الذي يفترض أن تكون فيه سياسة الجودة هي مجموعة المبادىء والقيم والقواعد العامة التي ترسم الملامح الأساسية لنظام العمل بالمؤسسات ، أصبحت مجرد ورقة على الحائط ودباجة جافة تنص على الاهتمام بالعملاء والتحسين المستمر والواقع يشهد بعكس ذلك.
لذلك يهدف هذا المقال لوضع منهجية لكيفية صياغة سياسة الجودة بحيث تحقق متطلبات المواصفة أيزو 9001:2015 ، ولتكون هذة السياسة هي المرجع الأول لجميع المستويات الإدارية والتنفيذية بالمؤسسة.
ما هي متطلبات المواصفة لإنشاء سياسة الجـــودة؟
البند (5.2) هو الخاص بسياسة الجودة وينبثق منه بندان فرعيان وهما: وضع سياسة الجودة ، والآخر هو نشر سياسة الجودة.
وفي الحقيقة لا توجد إضافات جوهرية لهذا البند إلا ما تم ذكره في البند الفرعي (5.2.2.c) من أن سياسة الجودة لابد أن تكون متاحة للجهات المهتمة ذات العلاقة كلما كان ذلك ممكنًا ، وبهذا يتم نشر سياسة الجودة ليس على المستوى الداخلي للمؤسسة فقط ، ولكن على المستوى الخارجي بين الموردين والعملاء والبنوك وغيرهم من أصحاب المصالح.
وفقًا للمواصفة هناك عدة متطلبات يجب توافرها بسياسة الجودة وهي تعتبر الحد الأدنى والإطار العام لإنشاء السياسة وهي كالآتي:
1-أن تكون سياسة الجودة ملائمة لغاية وسياق المؤسسة (يمكن قراءة مقالي السابق بخصوص سياق المؤسسة – البند الرابع) وأن تدعم التوجه الاستراتيجي لها.
2-أن توفر إطارًا عمليًا لوضع أهداف الجودة (وهذا ما سنتطرق إليه بالتفصيل فيما يلي)
3-أن تحتوي على التزام المؤسسة باستيفاءها للمتطلبات الممكنة.
4-أن تشمل التزامًا نحو التطوير المستمر لنظام إدارة الجودة.
كيف يمكن ربط أهداف الجودة بسياسة الجـــودة؟
عدم ارتباط سياسة الجودة بأهداف الجودة لكل إدارة بالمؤسسة يعتبر أحد أسباب فقدان السياسة لمعناها؛ مما لا يجعل هناك أي نوع من أنواع الارتباط بين سياسة الجودة والعاملين بالمؤسسة ، ولكن باستخدام المنهجية التالية ستجد أن الربط بينهما سيجعل من السياسة أحد العناصر الهامة والحيوية بالمؤسسة ، بل ومحور نظام إدارة الجودة الذي تدور حوله جميع عملياتها.
في هذة المنهجية سنقوم باستخدام أداتين من أدوات الجودة المشهورة، وهذا هو ما أسعى في تقديمه ؛ من إيجاد خطوات عملية ذات مرجعية ، وقابلة للتطبيق في الحال ، وفي شتى المؤسسات والمجالات. وبهذا يكون القارىء له قدرة على التطبيق بعد انتهاءه من قراءة المقال مباشرة ، لأن المعرفة وحدها هي مجرد قوة كامنة لا تكفي ، ولكن القوة تكمن في التطبيق العملي.
الأداة الأولى: (5WHY1HOW) or (5W1H)
الأداة الثانية: Ishikawa Diagram or Cause and Effect Diagram
5 مراحل لربط السياسة بأهداف الجودة:أولاً: قم بتشكيل فريق من مختلف الإدارات/العمليات بالشركة.
كل شركة بها مجموعة من العمليات الرئيسية للبيزنس كـ (التسويق والعمليات/الإنتاج و المالية) وأخرى فرعية ، فسواء كان الهيكل التنظيمي للشركة التي تعمل بها مبني على الإدارات والأقسام أوالعمليات فهناك طريقة جيدة لاختيار أعضاء الفريق ؛ وذلك من خلال اختيارهم وفقًا للأنشطة الثلاثة الهامة بأي مؤسسة وهي:
1-تعريف المنتج أو الخدمة: وهي مرحلة تطور المنتج/الخدمة من مجرد كونها فكرة إلى نموذج قابل للتنفيذ وغالبا ما تشترك إدارات مثل التسويق والإدارة الهندسية في هذا النشاط.
2-إدارة المعلومات: وهي مرحلة نقل المعلومات الخاصة بالمنتج أو الخدمة من مجرد رسومات هندسية أو متطلبات للعميل في أي صورة كانت إلي معلومات دقيقة ومحددة لكل إدارة على حده ، وتكون إدارة التخطيط لها الدور الأكبر في هذا النشاط.
3-تصنيع المنتج أو تقديم الخدمة: وهي عبارة عن سلسلة من المراحل يتم فيها تحويل المواد الخام إلى منتج نهائي من خلال مجموعة من العمليات تختلف باختلاف نشاط الشركة ، ويكون القائم بهذا النشاط هي إدارة العمليات والإنتاج.
الهدف من ذلك أن يكون لكل إدارة بالمؤسسة دور مكتوب في سياسة الجودة، مما يُسَهِّل فهم السياسة لدى العاملين ويزيد من ارتباطهم بها والعمل وفقًا لها.
ثانيًا: قم بإعداد ورشة عمل لوضع أهداف الجودة داخل كل إدارة على حده وذلك في أربع خطوات.
الخطوة الأولى: كل مديرإدارة سيقوم بإعداد أهداف الجودة الخاصة بإدارته من خلال عقد جلسة للعصف الذهني يمكن أن يستخدم فيها "مخطط السبب والتأثير" لدكتور إيشيكاوا.
ولنأخذ على سبيل المثال إدارة المشتريات ، قد تكون هذة هي بعض الأهداف لها:
1-تقليل تكلفة المواد الخام بنسبة 15 بالمئة.
2-تقليل الفترة الزمنية لشحن المواد الخام بنسبة 5 بالمئة.
3-توفير 3 موردين مؤهلين لكل نوع من أنواع المواد الخام.
هذة مجرد أرقام عشوائية ولكن مما لاشك فيه أن من اهتمامات إدارة المشتريات: المواد الخام وكلفتها ، والمدة الزمنية لشحنها ، والموردين القائمين على ذلك.
الخطوة الثانية: بعد تحديد الأهداف تأتي الخطوة الثانية وهي استخدام الـ (5W1H) للوصل لصياغة السياسة ولنأخذ على سبيل المثال الهدف الثاني لعملية الشراء: تقليل الفترة الزمنية لشحن المواد الخام بنسبة 5 بالمئة.
ثم نقوم بتوجيه أسئلة (لماذا؟؟؟؟؟) لكل إجابة نحصل عليها، ولا يشترط أن نصل لرقم 5 من أسئلة لماذا ، ولكن إذا وصلنا إليه نكون قد توصلنا إلي السبب الحقيقي وراء سعينا نحو هذا الهدف أي توصلنا إلي أحد بنود سياسة الجودة!
عودة للمثال:
الهدف: تقليل الفترة الزمنية لشحن المواد الخام ... لماذا (1)
ج1: لتوفير المواد الخام إلى الشركة في اقل وقت ممكن ... لماذا (2)
ج2: لتقوم إدارة الانتاج بإتمام عمليات التصنيع في الوقت المحدد ... لماذا (3)
ج3: لتحقيق سرعة الاستجابة لمتطلبات العملاء ... لماذا (4)
ج4: لتحقيق رضا العملاء ومن ثم تكرار شراءهم من الشركة ... لماذا (5)
ج5: لبناء قاعدة من العملاء الأوفياء والمخلصين للشركة.
كيف (1): من خلال تحقيق رغبات العملاء وسرعة الاستجابة لمتطلباتهم.
الخطوة الثالثة: صياغة أحد بنود سياسة الجودة
من خلال المثال السابق يمكن صياغة ما توصلنا إليه كالآتي:
أن تسعي المؤسسة في بناء قاعدة من العملاء الأوفياء وذلك من خلال تحقيق رغبات العملاء وسرعة الاستجابة لمتطلباتهم.
هل ستختلف رؤية العاملين بإدارة المشتريات لهذا البند من سياسة الجودة بعد أن شاركوا في صياغته وصار مرتبطًا بعملهم اليومي؟!
الخطوة الرابعة: كرر استخدام هذة الأداة للجودة مع باقي أهداف إداراتك للوصول إلى أحد بنود السياسة.
ثالثًا: قم بتجميع نماذج أدوات الجودة (تجدها بنهاية المقال) من الادارات المشاركة لصهرها بنموذج واحد.
بعد أن شاركت كل إدارة والعاملين بها في صياغة أهداف الجودة وكذلك بنود سياسة الجودة ، لا بد من تنقيح هذة الاهداف عن طريق الإضافة أو الحذف أو إعادة الصياغة ولكن على المستوى الإداري.
رابعًا: إعداد الصياغة النهائية لسياسة الجودة
في الحالات الواقعية تكون الطرق التقليلدية لإعداد سياسة الجودة هي أن يقوم ممثل إدارة الجودة بإعداد السياسة وعرضها على الإدارة العليا لاعتمادها، او الاستعانة باحد الاستشاريين لإعداد سياسة الجودة للمؤسسة التي لا يعمل بها! أو نسخ أحد الدباجات المتوفرة على الانترت لدى الشركات الأخرى.
ولكن باتباع هذة المنهجية تجد أن قيادة المؤسسة هي الراعية لعملية إنشاء سياسة الجودة ويشارك فيها جميع العاملين بالمؤسسة من البداية ؛ مما يسهل عملية فهمها وتطبيقها.
خامسًا: التأكد من فهم جميع العاملين بالشركة لسياسة الجودة
وهذا الدور يقع على عاتق القيادة والإدارة العليا بالشركة وهو أحد متطلبات المواصفة، ويمكن اختبار فهم العاملين بالشركة من خلال طريقتين:
1-بعض الاجراءات التي تتخذها الإدارة العليا لضمان فهم جميع العاملين للسياسة.
2-المراجعة الداخلية: أن يقوم المراجع بالتأكد من ذلك ، ليس من خلال أسئلة كـ "ما هي سياسة الجودة؟!" في هذا السؤال يختبر الحفظ ، والمواصفة لم تطلب إلا الفهم ، لذلك هناك مجموعة من الأسئلة التي تختبر فهم كل عامل في الشركة لسياسة الجودة وتضمن ارتباطه بالسياسة في جميع أعماله اليوميه.
نحو خطـــوات عملــــية
لقد قمت بإعداد مجموعة من النماذج لتسهيل عملية إنشاء سياسة الجودة بالمنهجية المذكورة :
1- نموذج "مخطط إيشيكاوا" لتحديد أهداف الجودة.
2-نموذج (5W1H) لتحليل أهداف الجودة والهدف منه : الخروج بأحد بنود السياسة.
3- إجراءات يمكن لقيادة المؤسسة اتباعها لضمان فهم جميع العاملين بالمؤسسة للسياسة.
4-قائمة تحقق من خلال المراجعة الداخلية يقوم باستخدامها المدقق/المراجع كي يضمن أن سياسة الجودة صارت مفهومة لدى جميع العاملين.
كتب : محمد الشحات.
عرض و شرح وافي يخاطب تفاصيل اسئلتنا في الموضوع
ردحذفI found your blog and it was really useful as well as informative thanks for sharing such an article with us. We also provide services related to ISO 9001
ردحذف